قوة الاختيار

كثيراً ما نُمجّد صورة المرأة القوية المستقلة.

تُوصف بأنها متعددة المهام، قادرة على حل المشاكل، مُقدّمة رعاية، ومحترفة. شخصٌ يُمسك بكل شيء ويفعل كل شيء دون طلب المساعدة. يُشاد بها عندما تحمل أعباء العالم، ويُحكم عليها بصمت عندما تُقرر التوقف، أو الرفض، أو التغاضي عن أمرٍ ما.

لكن دعونا نتوقف للحظة ونسأل:

من قرر أن القوة تُقاس بما نحمل؟

ما الذي يجعلنا نفترض أن حمل جالون من الأعباء العاطفية أشجع من حمل كوبٍ من النية الصادقة؟

سواءً كان جالوناً، أو زجاجة، أو كوباً: المهم حقاً هو من اختاره ولماذا.

القوة الحقيقية تكمن في حكمة الاختيار:

- القدرة على إدراك ما هو حقٌّ لك.

- الشجاعة للتخلي عمّا لم يعد يُفيدك.

- الحكمة لمعرفة متى تستريح ومتى تتصرف.

المرأة القوية ليست قوية لأنها تحمل أكثر؛ إنها قوية لأنها تملك القدرة على الاختيار بوعي.

هذه هي امتيازات الاستقلال الحقيقية:

الاختيار...

أن تكون مستقلاً لا يعني أنك لست بحاجة لأحد.

لا يعني ألا تطلب المساعدة أبدًا.

لا يعني أن توافق على كل طلب أو تتولى كل دور.

بل يعني أنك:

• تحمل مسؤولياتك.

• تعيش وفقًا لقيمك.

• تحمل طاقتك دون شعور بالذنب.

• تحمل ما يفيدك، وتتخلّص مما يُرهقك.

في ثقافتنا، غالبًا ما يكون هناك ضغطٌ صامتٌ لإثبات جدارتك من خلال الإرهاق.

• لإثبات قدرتك من خلال التمسك بالمزيد باستمرار.

• قول "نعم" حتى عندما يكون كيانك يقول "من فضلك، ليس الآن".

الاستمرار والإفراط في الأداء هو الأمر الغير مستدام.

إنها ليست قوة؛ إنها نمط حياةٍ مُتخفٍّ بالثقة.

عندما نُعلّم أنفسنا (والآخرين) أن القوة تكمن في الاختيار، لا في التضحية، فإننا نكسر منظومة الإرهاق.

نسمح لأنفسنا بأن نكون متكاملين، لا مُرهقين.

ونُلهم الآخرين ليفعلوا الشيء نفسه.

إليك بعض الأسئلة المهمة التي يجب أن تطرحها على نفسك:

• ما الذي أحمله الآن: جسديًا، عاطفيًا، عقليًا؟

• هل اخترتُ أن أحمل هذا، أم فُرض عليّ بدافع العادة أو الضغط؟

• ما الذي يمكنني التخلي عنه، ولو مؤقتًا، لأُفسح المجال للسلام؟

• ما معنى أن أكون "قويًا" بالنسبة لي، وهل يُفيدني هذا التعريف؟

أن أكون قويًا ومستقلًا امتيازٌ جميل، ولكنه أيضًا مسؤوليةٌ جسيمة.

لستَ بحاجةٍ لحمل المزيد لتكونَ جديرًا.

لستَ بحاجةٍ لإرهاق نفسك لتشعرَ بالاكتفاء.

أنت كافٍ ببساطةٍ بكونك أنت، واعيًا، واعٍ، ومُتكاملًا.

لذا، سواءٌ كنتَ تحملُ جالونًا أو زجاجةً أو كوبًا، فاحمله بوضوح.

احمله بحضورٍ حاضر.

احمله لأنك اخترتَ ذلك، لا لأنك شعرتَ أن عليكَ ذلك.

هذه هي القوة الحقيقية.

فكر في الأمر...