تحت التربة...

إنّ للطبيعة طريقة مدهشة في أن تُعلّمنا أعظم الحقائق. حين نتأمل حديقة، أو حقلًا، أو حتى زهرة واحدة، نرى الجمال والانسجام والتوازن. ولكن عندما نحفر في التربة تحتها، لا نجد فقط الأرض الخصبة، بل نصادف الرمل، والدود، والحشرات.

إنّ الطبقات الخفية ليست دائمًا جميلة كالمظهر الخارجي.

وهكذا نحن البشر. من الخارج قد نبدو هادئين، متماسكين، وبخير. ولكن إن تجرّأنا على الحفر في أعماق أنفسنا، قد نكتشف ما لا نرغب بمواجهته: صدمات قديمة، ذكريات مؤلمة، أفكار سلبية أو مخاوف دفينة.

هذه الطبقات الداخلية لا تنتقص من جمالنا، بل تؤكد إنسانيتنا.

ويبقى السؤال: متى نكون مستعدين لمواجهة ما يكمن في الداخل؟

إنّ الشفاء والنمو والتحوّل يتطلّب شجاعة وصبر وصدق. ومواجهة الأجزاء التي نخفيها ليست دائمًا أمرًا مريحًا.

فلنسأل أنفسنا:

• كم من الوقت والجهد أنا مستعد أن أستثمر لاكتشاف ذاتي الحقيقية؟

• ما المشاعر أو الأفكار أو الذكريات التي أستطيع أن أواجهها الآن؟

• ماذا أتوقّع أن أجد، وما الذي أستطيع تحمّله دون إصدار أحكام؟

• 
  

كما تستخدم الأرض عناصرها الخفية لتغذية الحياة، كذلك صراعاتنا الداخلية يمكن أن تكون الأساس لقوّتنا وحكمتنا وتعاطفنا؛ إذا كنا مستعدين للعمل معها.

وربما لا يكون السؤال الحقيقي: متى سنكون جاهزين؟ بل كيف سنختار أن نواجه أنفسنا عندما نبدأ بالحفر.

بصدق.

برفق.

بوعي أنّ الجمال لا يختفي بوجود الظلام، بل يصبح أكثر أصالة وعمقًا.

دعونا نتذكر أن "الديدان والحشرات" ليست عيوباً، بل تذكير بأن النمو يحدث دائماً في تربة غنية...

فكر في الأمر...